الجمعة، 29 مايو 2020

بعض من أصداء طفولتي وزكرياتي بمدينتي الحبيبة ( ملكال)

بعض من أصداء طفولتي وذكرياتي بمدينتي الحبيبةة(ملكال)

كتب الاستاذ/ ياسر محمود سيداحمد

أحبتي رفقاء الزمن الجميل وابناء المدن الجميلة وأبناء مدينتي الحبيبة (ملكال) ليكم شجوي وتحياتي وبعض من أصداء طفولتي وزكرياتي .

بعض إخوتي وانا أحد منهم قد صببنا جام غضبنا علي مدرسينا ومدرسي الزمن الجميل ، وأخرجنا لهم كلمات غلاظ مثل سيطاهم التي صلوا بها ايدينا وأصلابنا وظهورنا ، لا أملك الا أن نقول ، لقد عفونا عنكم طالما تعلمنا منكم العبارات الجزلة الطليقة بل نكن لكم أسمي ٱيات الحب .

ونحن في بواكير الطفولة وسنوات والطلب الأولي وكان هذا العالم مبهم بالنسبة لنا ولاندري اين أبعد (قطية) قد بنيت ولا أبعد (شجرة) قد نبتت . والمدارس شيء عظيم أن تلبس ذلك الذي زهري اللون وذلك الحذاء الجميل سواء كان ذلك (الكبك) الذي تنتجه شركة (باتا) وتلبس ذلك (الجورب) الابيض الطويل وتذهب لذلك المبني الجميل حيث الأشجار الازهار البيضاء التي تسر الناظرين حيث الكراريس والكتب الزاهية الالوان والحبر والطبشور ، فتلك عوالم ظللنا ننتظرها طويلا ونحن نسمع ماتحكيه ألسن إخوة وأخوات أكبر سنا منا .
(٢)
كانت الحكومة توفد للأقاليم الجنوبية مدرسين ذوي كفاءات عالية فأنا وجيلي قد كان معظم مدرسينا من ذات مدينتنا التي بها نشأنا ، استاذنا مختار وداعة من ذات المدينة وهو ابن ذلك الشيخ الورع ٱمام المسجد الكبير وعزفه علي ٱله العود وتغنيه بالاغاني والاناشيد رسخ لنا بأن الدين والفن لايتعارضان ، استاذ محجوب عبد الرازق لازلت احفظ درس الجغرافيا وذات مساء في سنوات قريبة إلتقيته وسمعت له مادرسناه منه في تلك السنوات من دروسه لنا ، حدثته عن دروسه لنا الصف السادس رحلة ذلك القطار الطويلة ، الذي يتحرك من (فلاد فستك) الي (شيتا) مارا من بحيرة (بيكال) الي (اركتستك) ثم الي (نوفوسفيسك) وهناك خط حديدي يربط موسكو بلينجراد ، أي انه كان يربط قارتي اسيا واروبا .
(٣)
ربما كثير قد ربط بيننا نحن التلاميذ وبعض استاذتنا الذين يعبرون بنا هذا العالم ، ونحن نجلس في تلك الغرفة التي لا تزيد مساحتها عن الاربع والعشرين من الامتار بسحن مختلفة طلاب لم يروا بعضهم مدن الشمال ، حتي ينتقلون بذلك الفصل ذو المبني الصغير ينقلهم الي هذه المدن البعيدة الي عوالم لم يحلموا حتي برؤيتها ، كأنه بساط الريح .

(٥)

استاذ مختار وداعة كان مثل فناني عصر النهضة في اوربا متعدد المواهب فقد كان مسرحيا وعازفا ومغنيا وملحنا ، كانت يلحن الاناشيد وهو يمسك بٱله العود ويعزفها كما كبار عازفي تلك الٱله . كما زرياب الاندلسي .
في حصة التاريخ يحدثك عن مصر القديمة وأن مصر هبه النيل والذي تجوب قوارب اهلنا الشلك مياهه يصل وأنه بالفعل يصل مدن السودان حتي مصر ، وكانت دهشتنا كم واسع هذا العالم .ربما اعتقد بعض التلاميذ أن المقصود هو الري المصري تلك الفلل القصور الجميلة التي كانت تقبع في الجزء الغربي من المدينة وهي تطل علي النيل ، لقد كنا نعتقد أن هذا العالم ينتهي بفشودة حيث يقيم سيدي المك (مك الشلك ) وان حدود الدنيا في غرب النيل تنتهي حيث تغيب الشمس وأن الشمس تغيب عن قرية، (ليلو) في ضفة النهر الاخري ، فكنا نشاهدها هكذا تغيب ، وتشرق من جهات أدونق ، وأن مدينة كوستي ينتهي بها العالم في حدود الشمال حيث تصل البواخر ، وأن حفرة ضخمة تمتد الي لانهاية عند بلاد (فاس) الماوراها ناس حيث تحكي لنا جدتي عائشة بنت البشير سعيد في ليالي أحاجيها ونحن ننتظرها ونقاوم النعاس حتي تصلي العشاء وهي تحكي لنا عن هذا العالم المثير وحتي تقص علينا أحسن القصص .
(٦)
حين قال بعض الاستاذه في المدرسة أن الارض كروية ، كانت اجابة لسؤال ظللنا نبحث له عن اجابة.

كانت هناك مسابقة في مجلة الصبيان التي كان يقوم الطالب عصمت عبيد بجلبها من مكتبة والده صاحب المكتبة العامرة ويقوم بتوزيها لمن شاء من التلاميذ في المدرسة بقرشين ، والمسابقة ذات جوائز تخلب ألباب الطلاب ، وقفنا كثير عن سؤال الارض هل هي مدورة ،،؟ ام مستطيله؟ ام بيضاوية؟ ، حملنا تلك المجلة وفي معيتي امي حسن ابن عمي وٱخرين حين إحتد خلافنا في ذلك الموضوع ، وذهبنا الي عيسي الذي كان يعمل في حلواني عمي حسن سيداحمد ، فأجابنا بيقين لايخالطه الظن بأن هذه الأرض ( غبشاء) ولم تقنعنا اجابته المقتضبة ، ولو صبرنا عليه لقال انها ،(غبشاء) فاقع لونها تسر الناظرين ، لو أجابني بتلك الاجابة اليوم لقلت له أنك من الفلاسفة ، وانا كلي يقين لايخالطه الظن بأن هذا العالم اما مستطيل او مربع ، فحبوبتي عائشة بت البشير سعيد التي تفد الينا من (تندلتي) . تلك المدينة اليالغة البعد ، وتركب القطار الي كوستي ، ثم تركب الباخرة (المحلية) حتي تصلنا في ملكال هي من تعرف هذا العالم أكثر . فبلاد ،فاس التي ليس وراها ناس هي نهاية هذا العالم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملكال… المدينة التي حملتني وحطمتني

ملكال… المدينة التي حملتني وحطمتني بقلم / بول فيتر قونج حين أغمض عيني، أرى ملكال. أراها كما كانت، لا كما صارت. مدينة صغيرة لكنها كانت بحجم...