الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014
الطرق الصوفية بالملكية
الطرق الصوفية بالملكية
من منّا ليس له ذكريات مع ضربات النوبة وحلقات الذكر والليليات بالملكية
بدأت الطرق الصوفية بملكال منذ المهدية وبعد عودة الجنود من مصر حيث كانوا يعملون فى الجيش المصرى فادخلوا معهم الطرق الصوفية (المصدر: حوار العمدة طه بلال)
ومن أشهر شيوخ الطرق الصوفية نذكر منهم :
القادرية
الجاك ادريس
حسين ادريس
جمعة بادي
الدرويش هجلجل (ميرغني)
شيخ معروف
محمد بشير (ود اللوفيد )
السمانية
شيخ الماظ وولده موسى الماظ
جبارة ادريس
عوض عجب
الختمية
الخليفة باب الخير
الخليقة يس
فضل المولى مرجان
الخليفة رجب رابح
الخليفة كوكو
عبدالله كريال
العم ضقو فرفر
العم السائر
الاحمدية
الخليفة خيرالله ادريس
عبدالله ازرق
البرهانية
طه بلال
مقر الزوايا
زاوية القادرية والسمانية والاحمدية بحي الدينكا
زاوية الطريقة الختمية (حي النوبة)
زاوية البرهانية بحي الزاندي
الاثنين، 24 نوفمبر 2014
ابداعات جمعة بادي.. الفرقة التنكرية الفلكورية
كتب: أ. صبري يوسف ....
جمعه بادى ونيس قطيه كان يعمل فى البريد والبرق مكنيكى ديزل وشيخ بالطريقه القادريه وله القدح المعلى فى تفعيل الذكر فى كل المناسبات الدينيه خاصة الاعياد وذكرى ميلاد النبي (ص)وكان يدعو الناس بشد البليله عندما ينزل الكرب والمصائب بالبلد لعب كرة القدم بنادى الاصلاح واعتزل الكورة وعمره 50 عام وهو صاحب فكرة فرقة التنكر الشعبيه والتى كانت لها فقرة ثابته فى كل المناسبات القوميه الرسميه والشعبيه وقد مزج فيها ما بين الشباب والشيب فمن الشباب المشاركون قبالة اواخر الستينيات على سبيل المثال لا الحصر عبد الغنى عوض وابراهيم قسم الله ومحمد كودى ومصطفى خليفه ومدثر خليفه وحسن خليفه والزين كودى وسلام يوسف وعبدالهادى يوسف وبدوى خليفه ومن بعدهم صبرى يوسف وعصام عوض ومنير عبدالرازق ومن ثم انتقل بها من حى النوبه الى ثورة الملكيه حيث استقر به المقام وفى هذه الفترة شارك كثير من ابناء الشلك ومن الشيب الذين شركوا بالعزف والدرامة الحركيه الممثله فى الرقص منهم العم غريب عوض فى عزف الترمبيته والوالد يوسف عثمان فى عزف الدرامس والعم يوسف كريال فى عزف القربه والعم جمعه عبدالرسول فى عزفالطرمبه والسكسفون و الفكره تقوم على التنكر يالشوالات مفصله فى شكل قرد على رأسه قناء من الجلد (قرد بس)لهذا نوكد بان تلمتش بنعت الملكيه اقدم من الالمانيه ...
جمعية الإصلاح بالملكية
جمعية الإصلاح بالملكية
هي جمعية ثقافية تكافلية تعاونية رياضية حيث كانت لها فرق موسيقية ورياضية ممثلة في فريق اﻻصﻻح ويعتبر أول فريق رياضي بالملكية هذه حقيقة تاريخية بل كان هو فريق الحي الوحيد قبل تأسيس فريق الرابطة أو بالأصح تمرد أشبال الإصلاح وتكوين فريق خاص بهم سُمي بالرابطة وكان ذلك في نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي مما أدى لحساسية مفرضة بين الناديين وانقسام أبناء الحي العريق الى فريقين ويقال أن الرابطة ساهمت بشكل كبير في تدحرج الاصلاح للدرجة الثانية والتي مكث بها فترة طويلة، ومن مؤسسي الفريق الاجداد مرسال سعد الله وابراهيم جالدونق وغيرهم من الأباء الكرام .. وجمعية الاصلاح تعتبر أول عمل جماعي خيري تكافلي تعاوني ثقافي رياضي منظم يجمع ويلتف حوله أهل الملكية في ذلك الوقت وكان لها فرقة موسيقية وفريق للكرة وكنتين تعاون، وهذا يؤكد النظرة الثاقبة لأهل الملكية منذ ذلك الزمن في إنشأ الكيانات الخيرية والتكافلية التعاونية. وكان دار الجمعية الأول بحي الزاندي جوار منزل دقلول قبل ان ينتقل لحي الشاطي شرق نادي الرابطة غرب كبري الدومة، وكان للجمعية طاحونة ودكان تعاون (كنتين) للمواد التموينية جوار منزل ابراهيم قسم الله وناس احمد بشير بحي الشلك وكان يدير دكان التعاون العم حسن بلال والد بلال واسماعيل سعيد والد مولانا محمد اسماعيل.
ومن الأشياء التي تذكر يقال أنه كان للجمعية نشاط سياسي وطني خفي في ذلك الوقت يعمل على توعية المواطنين بقضاياهم، وفي تقديري أن الجمعية لعبت دوراً كبيراً في رفع الوعي السياسي والاجتماعي والوطني ـ التكافلي.
ومن أبرز الذين لعبوا للفريق اﻻصﻻح لكرة القدم كلٍ من:
- حسن بنطون
- ابراهيم جالدونق (والذي اصيب بكسر في حادثة شبيهة لحادثة عزالدين حاج بادي مع المحينة لاعب المدينة، وذلك حين اصابه اللاعب حسين دوسة لا عب فريق المدينة والذي كان يعمل موظفاً بمكتب البوستة في مباراة مثيرة جداً بمدينة الري (الليك) في سيناريو بالكربون حين اقتحم أبناء الملكية الملعب وأوسعوا لاعبي المدينة ضرباً مبرحاً.
- الحارس الاسطوري محمد نور (وكان يلقب بالصقر الاسود) ويعتبر واحد من افضل حراس المرمى .
- ادينق المك (النوته)
- سليمان جو
- هارون فضل
- تنكس الكبير (سيد ادم داؤود)
- احمد عبدالله دارجول
- حسين عبدالله عبدالواحد (عم الشيخ)
- ميرغني عبدالله عبدالواحد ( كان يلقب بأبو طويلة ـ وفرعون)
- احمد عبدالله عبدالواحد
- محمد توم
- احمد جبارة
- محمد دوكة ( كان يلعب جناح ويمتاز بالسرعة الفائقة)
- احمد بور ـمساعد طبي ( يلقببأبو دينق وهو من بور
- احمد خميس شيبوب
- موسى بخيت ـ بلقب اواي ـ وهو من الاستوائية ـ موراوي
- يوسف عبدالحي
- عنتر محمد فضل السيد
- الحارس الممتاز جنابو قاسم جبريل
- جمال مرحوم (حارس مرمى)
- ابوحديد ( ود الجوكر)
- مدثر خليفة (لون)
- سيد خليفة
- سعدالله مصطفى (مهاجم خطير وقناص يمتاز بالالعاب الهوائية )
- سامي احمد زايد (سمويا) مهاجم مرعب
- عبدالرحيم عبدالله ازرق ( يلقب بجنى كورنر)
- الدرديري عبدالله ازرق
- محمد يوسف رحمة
- ميرغني احمد ادريس
- محمد موسى ادريس
- احمد مرسال (الجقود)
- د. سيد عوض
- عابدون قسم الله
- محمد هوان ... قبل انتقاله للرابطة
- عبدالرحمن حسينوشقيقه علي
- برعي جمعة عبدالرسول
- عزالدين ود النجيض
- محمد رجب رابح
- مبارك ادم كوكو
- الهادي محمد سعيد (عجوز)
- محسن مورسون ابينا
- وغيرهم ...
ومن ابرز الإداريين الذين تعاقبوا على النادي:
1- سعدالله مرسال
2- ابراهيم جادونق
3- حاج قاسم محمد فضل السيد
4- احمد جبارة
5- الجاك عوض
6- عبدالكريم مصطفى
7- سليمان مصطفى
8- زهير محمد خير
9- موسى ابوالقاسم (الساعاتي)
العم ابراهيم جالدونق
نستعرض في هذه المساحة سيرة احد رموز الملكية .. لعب كبيراً في رفع مستوى الوعي السياسي والتكافلي وسط أبناء الملكية ألا هو العم ابراهيم جالدونق...... فماذا تقول سيرته؟
• هو ابراهيم فضل المولى جالدونق, من مواليد 1910.
• ولد ونشأ في ملكال بثكنات عمال الري المصري حيث كان يعمل والده قبل نقلهم الى الملكية بعد تخطيط حي الشاطيء
• التحق بالعمل في ورش الري المصري كصبي مهني وكان نابها وذكيا في العمل .
• * تدرج في مختلف الدرجات العمالية حتى د رجة مراقب هندسي بالري المصري وتعددت مهاراته العملية بين البناء والكهرباء والحدادة.
• كان ناشطا على المستوى النقابي, علم نفسه وطور مقدراته بعد ان ترك المدرسة – تعلم الانجليزية- ويتقن العربية باجادة كتابة وقراءة .
• كان واعيا سياسيا منذ وقت مبكر.
• ناشط اجتماعي على مستوى العمل والحي والمدينة . من رواد العمل النقابي الوطني( ضد المستعمر) صاحب فكرة نادي العمال بملكال والذي بناه العمال بجهدهم الذاتي.
• من مؤسسي جمعية الاصلاح الاجتماعية التعاونية السياسية والتي تحولت الى نادي رياضي بحي الملكية. وقد زاره المصري الصاغ صلاح سالم في زيارته الى جنوب السودان وتم تكريمه هناك.
• لعب كرة القدم بنادي الاصلاح وكان مجيدا.
• قاد نشاط نقابي ووطني ضد الاستعمار ( الانجليزي المصري) سبب ازعاجا للسلطات مما استدعى سجنه عدة مرات ومن ثم نفيه خارج ملكال.
• قاد اشهر مظاهرة من الشباب الوطني في ملكال ضد الاستعمار وكان جميع المتظاهرين يقودون دراجاتهم ويطوفون حول ميدان المولد الحالي بزي موحد وشارة وشاح من الدمورية المصبوغة بشعارات وطنية . تصدى لهم البوليس واعتقلوه واخرين.
• من اشهر مغامراته الوطنية سفره وزميلين من الري المصري الشجرة الى مصر سراً عام (1953) ومقابلة اللواء محمد نجيب قائد ثورة مصر. ولتحقيق مطالبهم بتطبيق الكادر على عمال الري المصري بالسودان. كما استطاع تقديم شكوى خاصة ضد المدير الانجليزي للري المصري المناهض للحراك الوطني. فتم نقله ببرقية من مصر قبل ان يعود ابراهيم جالدونق ورفاقه الى السودان .
• يعتبر من احد اهم مصادر التاريخ لمدينة ملكال اجتماعيا وسياسيا ونشاة.
• بعد التقاعد استقر بالعاصمة القومية الخرطوم والتي نفي اليها سابقا لنشاطه الوطني وسجن بكوبر .
• اقام بالخرطوم واسهم في انشاء وتخطيط حي الصحافة كاحد ابرز المطالبين بتخطيطه وتوزيعه وكانت صحيفة الصحافة متابعة للموضوع ومساندة له حتى انجز لذلك سمي بحي الصحافة الحالي حيث يقع منزله .
• وفي حي الصحافة اشتهر بالعمل الاجتماعي والخيري حتى اخر ايامه.اشرف ورعى دورة الشهيد فني طيران (قلة) وخاطب الحفل الختامي .
• مهتم بالحراك الاجتماعي الثقافي لابناء الملكية بالخرطوم وعضو في كافة دوراتها.
• له العديد من الأبناء والأحفاد ربنا يحفظهم.
سيف الدولة صالح
29 مايو 2013
السيرة الذاتية للشيخ عوض عجب
السيرة الذاتية للشيخ عوض عجب
• عوض عجب فضل المولى
• مواليد كدوك ـ اعالى النيل 1936م
• تلقى تعليمه برومبيك حيث تعود أصوله
• ثم معهد ملكال العلمي بمسجد فاروق بملكال الكبير (الذي أسسه الملك فاروق ملك مصر والسودان في ذلك الوقت) حيث كان يتبع للأزهر الشريف، وكان منارة لتلقي العلوم الإسلامية والوعظ والإرشاد لجميع المسلمين بالمنطقة.
• كذلك عمل بالاتصالات السلكية واللاسلكية بولاية اعالي النيل.
• عمل كذلك الشيخ عوض بالشرطة ـ وعمل بعدة مراكز بولاية اعالي النيل وتدرج الى ان وصل رتبة مساعد.
• نقل لوزارة الداخلية بالخرطوم ـ الشؤون الاجتماعية ـ لحين تقاعده للمعاش.
• نال نوط الخدمة الطويلة الممتازة بالشرطة.
• ثم عمل بالسلطة القضائية ـ شؤون الدعوة ـ مؤذناً لمسجد مجمع المحاكم الأوسط بأمدرمان.
• نشاطه الصوفي:
- تتلمذ على يد الشيخ الماظ ومن بعده ابنه موسى الماظ (شيوخ الطريقة السمانية ملكال) وأحياء ليالي الذكر وليالي المولد النبوي الشريف بالزاويا بحي الدينكا ملكال.
• حسب رواية الشيخ سيد قود (بأن شيخ عوض في صباه زاره احد الاشخاص وذكر له أن يذهب لام درمان لأخذ الطريق من الشيخ الطيب (ام مرحي) شمال امدرمان .. وقد فعل وذهب وأخذ الطريق من الشيخ الحسن (بام مرحي).
• له العديد من الصلات مع شيوخ الطرق الصوفية بجميع ولايات السودان القديم حيث كان يغادر كثيرا للولايات للمشاركة في المناسبات الصوفية.
• كان مشاركاً فاعلاً في المناسبات الاجتماعية ( مأتم + أفراح ) الخاصة بأبناء الملكية وغيرها وإصلاح ذات البين.
• اجتهد كثيراً لتأسيس مسجد ومسيد للطريقة السمانية بملكال وصلت مرحلة اخرط والرسم وصدق له بذلك لكن الاجراءات الادارية لم تكتمل.
• أنشاء زاوية للطريقة السمانية بمنزله بأمبده ح 21 مازالت تواصل نشاطها بقيادة خليفته أبنه الطيب عوض عجب.
• توفى في العام 2013م بأم درمان .
نسأل الله له الرحمة والمغفرة
رسالة مؤسس اكول للواء م بشرى احمد ادريس
كتب: لواء م بشرى احمد ادريس .......
................
الأهل الكرام:
أرجو أن أنقل لكم نص الخطاب الإلكتروني الذي أرسله لشخصي الاخ/موسس أجاوين يوم 1/4/2014 لما ورد به من تقدير وتحية للملكية.
أخي العزيز/اللواء بشري نعم أخي،ورب أخ لم تلده أمك،ومثل هولاء الاخوة كثر في ملكال عامة وفي حي الملكية العريقة بصفة خاصة.
أحيك أخي بشري وأبعث لك بالشكر اجزله للكلمات الطيبات والصادقات عن والدنا المرحوم اكول اجاوين وعن الملكية وعبقرية المكان ولقد قلت يا أخي قولا مؤثرا عن هولاء الافياء الذين بذلوا
النفيس رخيصا في سبيل التعايش السلمي بين اهل اعالي النيل ولقد ارسي هولاء البررة ارضية صلبة لمستقبل باهي،ولكن هيهات هناك الان من ينحر الماضي الزاهي ويطلق الرصاص علي الحاضر بلاهوادة ويؤد المستقبل في مهده إن الذي يحدث في مدينتنا الحبيبة كابوس لا يمكن لعقل الانسان ان يستوعب وحشيته وهمجيته وقساوته.
لك التحية اخي بشري وعبرك نبعث بتحايانا الحارة واشواقنا الزائدة لاهل الملكية أينما تواجدوا ويقيني ان بعد العسر يسرا،وبعد الغيث قوز قزح يدخل الامل في الالباب.
لقد ارسلت خطابك الالكتروني لكل من دكتور لام ومولانا يوهانس وهما شاكران لك المودة والعشرة الطيبة
تقبل تحيات اسرتي الصغيرة لك ولاسرتك الكريمة.
موسس اكول
انهم يغتالون ذاكرتي...أنا ملكال ..
انهم يغتالون ذاكرتي...أنا ملكال ..
بقلم: السفير موسس أكول أجاوين
الأحد, 23 /مارس 2014
طفلة لم تبلغ السادسة من العمر بعد، رفعتْ وجهها الحزين وببراءة سألت والدها "أبي, على من يطلقون النار فى المدينة ليلا ونهارا؟ " سألتْ سؤالها هذا والحزن يكسو وجهها الصغير ودموع حيرى ترقرق في مقلتيها. تململ الأب في مجلسه. تحاشى النظر اليها، ورحل ببصره صوب الافق الاخضر. لقد أخذه سؤالها على حين غِرة. حاول الهروب ولكن نظراتها المتوسلة لاحقته بعزم كما يلاحق الليل النهار.
ضمها الى صدره وحاول الهروب بمعسول الكلام، إذ قال لها مطمئنا "لا تبالين ياصغيرتي. إنهم يطلقون النار لأنهم أناس أصابهم الجنون وفقدوا رُشدهم بحيث انه لم يعُد في مقدورهم فرز الامور من بعضها البعض. يآلهم من قوم إختلط في دنياهم الحابل بالنابل، وتشابه عليهم البقر، وأصابهم البكم، وأعمى الجهل بصرهم، وأصبحوا لا يفرقون بين الليل النهار".
لكن نبضات قلبه المرتبكة كانت تنبئ بغير ما جاء على لسانه. تأملتْ أسارير وجهه النحيل، وفي نبرة مفعمة بحكمة لا يتعلمها المرء الا من مدرسة الحياة، قالتْ والشك لا يخالجها : "أبي، إن الذين يطلقون النار ليسوا مجانين وليس صحيحا إنهم لا يفرزون هذا من ذاك، إذ شاهدتهم يفرزون الأطفال وذويهم من الآخرين ومن بعدها يصرخ الاطفال واُمهاتهم ثم يسقطون جمعياً على الارض وينامون بدون غطاء وبدون حراك ومن ثم يقوم هولاء المسلحون بإطلاق الرصاص فى الهواء، ويضرمون النار فى المنازل قبل ان يفرون بالغنائم." وأردفتْ بنبرة حاسمة " أبي، إن هولاء الناس ليسوا مجانين، أليس كذلك
!"
هرب الأب بنظره مرة اُخرى وحلّق فوق الاُفق البعيد, إلا إن نظره إرتد إليه كالصدى وولج في صدره كألم لا يمكن الغض عنه. وبينما كانت أنامله الطويلة تداعب ببطء شعرها الأجعد، وبينما ظل شاخصا بنظره نحو الاُفق، ململ ونمنم كمنْ يمشي في نومه، وقال لها بصوت خافت كدبيب النمل "كلا يابنتي، إن هولاء الناس ليسوا بمجاذيب بل انهم يدركون تماما ما يفعلون وما يريدون."
أبرقتْ عيناها الصغيرتان وتلألأتا كمشكاة فيها شموع عيد ميلاد، وغمرت فرحة عارمة وجهها البرئ، وفي لحظة فرح نادرة في أتُون المصائب التي تجتاح المدينة منذ منتصف شهر ديسمبر الماضي، قفزتْ في الهواء فرحة وكأنها قد ربحت رهانا لتقول "ألم ..." إلا انها لم تكمل جملتها، إذ أخذت تصرخ من الألم الشديد. آه، إنه الألم الذي يقتل براءة الطفولة وأحلامها.
في غمرة فرحتها أرادت الإبنة أن تقول لوالدها "ألم أقُل لك أن هولاء ليسوا مجانين"، لكن الصغيرة نسيتْ أن رصاصة طائشة متمردة قد إستقرت في ساقها قبل بضعة أسابيع.
وبعد لحظات قضتها في نحيب، إستردت الصغيرة حيويتها وإبتسامتها المُعُدية. نسيتْ آلآمها وجفتَ دموعها كما تجف الماء في الجروف، لكن الدموع المتجمدة على خديها قد نقشت لوحة تحكي قصة أحزانها. أردفت الطفلة في هدوء وكأنها تخاطب أحياء وموتى قومها سوياً. "ألم يقتلوا العم ابان ايونق والمهندس انجلو اوطو والاستاذ كيمو ناكواروآخرين؟" سالتْ والدها وهي غير آبهة بالآمها.
"نعم, لقد قتلوا أيضاً إبن عمك اوكويج وعمك اوفارض فقد زوجته وإبنتيه في النيل غرقاً كما فقد الآلآف أرواحهم."
بدتْ الصغيرة منهمكة في التفكير برهة، وأخذت عيناها تسافر بلا قِبلة فوق أناملها التي تداعب سوار البلاستيك الأخضر الذي يزين معصمها النحيل. وفجأة وبدون أن تنظر إليه، سألتْ "ولماذا يريدون قتلك يأبي؟"
أقرورقت عيناه، وتلعثم قليلا. ونبتت ذرات العرق على جبينه رغم أنف نفحات الشتاء. صمتَ حيناً وصمتتْ هى الأخرى لصمتِه.
"إنهم يريدون قتلي ليس لشخصي بل لأنني أنا."
"ومن أنت، يأبتي؟"
"أنا العُمدة دينق فرج قائد فرقة أعالي النيل للفنون الشعبية، أنا أدينق ضينق، و عوض دوكة، وأحمد محجوب صاحب الموبيليات، وإبراهيم جالدونغ، وأكول حكيم، وأيول صباح الخير، وناتوالي القابلة الصحية، وعلوية عبدالفراج مربية الاجيال، وجونسون ملوال ليك، وماهر النجار في الري المصري، وعبدالعاطي الموسيقار، وهمروس الإغريقي صاحب الطاحونة بحي الملكية، وجعفر ناظر محطة البواخر النيلية، وأمبروس صاحب السينماء المتجولة، ومونسينيور موجوك مطران الكنيسة، وخميسة الميكانيكية، وجمعة أمان الفنان، واُوراج أوك هداف فريق النسر."
أنا ملكال ...أنا كل الذي كان، وأنا كل الذي سيكون. أنا ملكال تلك المدينة التي كانت تمشي الخيلاء وتتبختر على ضفاف النيل عند الاصيل وتخلد للنوم كطفل قرير العين كلما عَسعَسَ الليل. إنهم يريدونني الآن مدينة بلا ذاكرة، وبلا ماضي او حاضر، وبلا مستقبل او هوية. إنهم يريدونني مدينة من الاطلال والقبور لا تشرق فيها الشمس، وتنبت على جنبات طُرقاتها ورد أسود، مدينة يزورها الموت محمولاً على أكتاف الليل. ولكن لأنني أنا ملكال، سأنهض من الاطلال كما العنقاء من الرمضاء، طال الزمان أو قصر."
بدتْ االصغيرة مشدوهة كمن تستمع لعندلة عندليب حزين او لسجع قمري جريح في براري الوحدة والألم. وفي لحظة خاطفة تفوح منها عبق الطفولة، وضعتْ الصغيرة يديها النحيلتين على خاصرتها وقد إرتسمت على وجهها إبتسامة نضِرة كصحابة خريف. قوست ظهرها القصير وأشرأب عنقها نحو أبيها حتى كاد رأسها يلامس جبينه الندي، وفي دعابة مشحونة بالتحدي سألت. "من انا اذاً، يأبي"
إسترختْ أسارير وجهه، وتصاقطت طبقات التعب وحلقات الالم من وجهه رويداً كما تتصاقط أوراق الشجر في الخريف. ودبتْ الحياة الى وجهه من جديد، ولمعت عيناه وكأن ستار الموت قد نزع عنها نزعاً للتو. تناثرتْ إبتسامة عريضة غمرتْ شفتيه كما تغمر النيل شطيه. رفع راسه ورمى بنظره بعيداً حتى إرططم بجدار الحقيقة الذي كتب عليه بخط عريض ان هناك من يريده مطأطأ الراس. أدرك الأب حينها أن الأسوار العالية حوله، والتي نُصبتَ عليها أسلاك شائكة كأسلاك سجن غونتانمو هي شريان حياته وملاذه الاخير لحفظ ذاكرة ملكال.
"نعم، من أنت؟" ردد سؤالها بينما أمسك بها من ابطيها يهذها برفق، وبدتْ كفراشِة تتأرجح على فَنن. قال لها "انهم الآن يطلقون عليك لقب "نازحة"، وقد حاولوا عبثاً أن يضعوا على رأسِك تاج الذُل، وأن يلبسوك ملابس رثة تفوح منها رائحة الموت. لكن أتدرين ياصغيرتي إنك أميرة من سلالة الملوك؟" "أجل، جَدتك الملكة أبوضوك بنت بَوش، سِت جيلها، حكمتَ القبيلة لعقد من الزمان (1662 – 1652)، و لم تكن لها مثيلة في زمانها الا الكنداكة. أما جَدك المك كور نيضوك الأعظم، فقد أرعب وأرهق الفرنجة حتى عندما كان مكبلاً بالقيود في منفاه على مرمى حجر من مقرن النيلين."
"أبتاه، هذا عظيم جداً. أكاد أطير من الفرح !" "اذاً، من هم هولاء الاشرار الذين يقتلون كل هذه الاشياء الجميلة؟"
نظر إليها مشفقاً وكأنه يخاف عليها من تناقضات الحياة. "إن هولاء الناس هم بنو جلدتك! هم أهل لنا و نحن أخوالهم وجيرانهم. لقد عشنا السنين العُجاف سويا كما خُضنا الحرب اللعينة جنب الى جنب. نحن وهم لحما ودما. أتعلمين ان والد صديقتك مارثا من الذين يريدون قتل كل هذه الاشياء الجميلة؟ لكن رغم ذلك انه من الأهمية بمكان ان نتحلى بالصبر وأن لا نرُد الصاع صاعين. ولأننا جُبِلنا على تحمل الشدائد ووضع المصلحة العليا نصب الأعين، لا يسعنا الآن إلا أن نردد قول الشاعر:
بلادي ان جارت علي عذيذة
وأهلي ان ضنوا علي كرام
أجهشتْ الصغيرة في البكاء، وبكى الأب في صمت لدموعها وحزن مرير يعصر قلبه، وما أمّر دموع الرجال لاسيما عندما تختلط بدموع الاطفال وعويل الاُمهات الثكلى ودموع الذاكرة والذكرى.
moses_akol@yahoo.com
http://www.sudanile.com/…/34-2008…/65995-2014-03-23-15-28-53
* نشرها موسس اكول اجاوين وهو من ابناء الملكية ... بموقع سودانايل
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
هل أصابت مدينة ملكال لعنة خراب الديكة !؟.
هل أصابت مدينة ملكال لعنة خراب الديكة !؟. أ. ياسر محمود (1) خراب الديكة ذلك الزقاق الذي يفضي الي قلب حي الجلابه جوار دكان عبد الجبار و...

-
الشهيد/ احمد الرضي جابر عمل بالتدريس وتدرج حتى مرتبة الموجه التربوي ومساعدا للمحافظ للشؤون التربوية بمحافظة اعالي النيل (ملكال) وكان س...
-
أسماء خالدة في ذاكرتنا : العم عبيد محمد نور. .. كتب حسن عثمان/ وحسن قسم الله ابوجميل عبيد محمد نور صاحب أشهر بازار فى الإقليم الجنوبي. ...
-
سيف الدولة صالح في كل من مدن جوبا وملكال بجنوب السودان , يوجد حي يسمى حي الملكية ويعَرف بالمدينة التي هو فيها فيقال, الملكية جوبا والملكية...