تفرد إنسان ملكال ومجتمعه

1/ تفرد انسان ملكال ومجتمع ملكال هناك كثير من الأسباب قد أدت لهذا التميز. سنحاول بقدر الإمكان البحث عن المؤثرات التي كونت هذا الخليط العجيب من الانصهار التام والحضارة العاليه والقيم الانسانيه الرفيعه. سنبدأ بالري المصري والذي كان من يدخله يتبادر إلى ذهنه الحدائق الغناء التي سمعنا عنها ولم نراها. من المعروف أن الفارق الثقافي بين الحضارة المصريه وغيرها كبير جدا ..بل يقاس بآلاف السنين ومن حظ مدينة ملكال أنها لم تتلقى هذه الحضارة عبر الوسائط الاعلاميه المعروفة في ذلك الزمان مثل المذياع أو الصحف أو الدوريات .من حظنا أن الاحتكاك كان مباشرا بالمصريين أنفسهم وبطبقاتهم المختلفه فقد كانت الاقسام بمصلحة الري المصري تأتي بجميع الطبقات..المدير والعامل والفلاح..اختلط كل ذلك بالسودانيين القادمين من مناطق مختلفة من السودان خبراتهم المتنوعه. الجراج............

نجد فيه عمنا محمد الحسن وما تميز به من قوة جسمانيه وخبرات في كافة دروب الميكانيكا مرورا بالعمل عبدالله بشيرومواهبه المتعدده في الرسم والنحت والاناقه لدرجة أن المفتش المصري كان يغير منه خاصة عندما يلبس الليبيه البيضاء والطربوش الاحمر. خلفه في رئاسة السواقين العم محبوب عبدالله بجلبابه الناصع البياض . المكاتب.الدفترخانه كان بهايعقوب بلال..الطيب عبدالهادي..خالد عبد السلام..عبدالله مرسال تندل..عوض الشيخ..الحاج فرح..حسن ضو البيت..علي الطاهر..عثمان سليمان. اي منهم جاء من مكان مختلف من السودان وكان مدرسة متفردة في مجالات أخري غير مهنته فكانوا في إدارات الانديه الرياضية وريادة العمل الاجتماعي والثقافي والفني للمدينه. الورشه... العم قسم الله فرج الله الحداد الماهر والعم حسن عوض حسن دوس اللذين تشربوا بالثقافه المصريه بسبب احتكاكهم الكبير بالمصريين لدرجة أن لهجتهم المصريه انتقلت للبيت وأثرت حتى في الأبناء الذين أصبحوا يتحدثونها في المنزل. وابور النور والثلاجه.. حسن عبدالله لادو والذي اشتهر اخيرا كقيادي لنقابات العمال ولكن كان ذلك بفضل احتكاكه والنقابات المصريه والحفاظ على حقوق العاملين. كان معه علوي حميدان الرياضي المشهور بحب نادي المريخ العاصمي. اهم ما كان يقدمه الري المصري للمدينه في شهر رمضان هو صفارة الري والتي أصبحت أحد معالم المدينه بالرغم. من أنها كانت مخصصه الورش وحضور العمال وانصرافهم اخر اليوم. بجانب صفارة الري كان مصنع الثلج الصغير والذي كنا نطلق عليه اسم الثلاجه وكان يقدم خدمه جليله لسكان المدينه بتوفير الثلج في شهر الصوم وكان يشرف عليه عمنا حسين جابر. الاستراحات كان لتصميم الحدائق واهتمام المصريين بها أكبر الأثر على عدد كبير من بيوت الملكيه خاصة القريبين من المصريين فقد انتقلت زهور الفل والياسمين والونكه والجهنميه لحي الملكيه كذلك انتقلت العادات الغذائية مثل الفطائر والعيش المصري..عيش الفلاحين..وتربيه البط والحمام. المدرسه المصريه من اكثر مرافقمصلحة الري المصري تأثيرا على مجتمع المدينه نسبةلان القبول بها لم يكن قاصرا على أبناء العاملين بالري بل شمل كل جنوب السودان وقد درسعدد كبيرمن ابناءمسلمين الاستوائيه ملكال بالمدرسة العربيه والتي كانوا يفضلونها على غيرها من المدارس لدرجة أن هناك عدد من الأسر بحي الملكيه بجوبا مازالت تعلق الطربوش بالحائط بديوان المنزل دليلا على أن بالمنزل خريج من المدرسه العربيه ملكال.كان عدد الطلاب المصريين كبير بالاضافه الى ان كل المعلمين كانوا مصريين وبما أن الثقافه الاقوى تسود عادة فكل من تخرج من المدرسه المصريه تخرج مصري الهوى. تخرجوا بحب الاضطلاع والكتابه والفنون وحب ام كلثوم وعبد الحليم حافظ. تخرجوا وهم عاشقون الاهرام والاخبار وروز اليوسف والمصور واثروا فينا نحن الجيل الي جاء بعدهم فعشقنا مجلة سمير ومبكي والغاز المغامرون الخمسة تختخ ورفاقه. بجانب المدرسة المصريه كانت هناك رسالة تعليميه أخري يقدمها الري المصري متمثله في درس العصر وهو فصل تقويه عرف اخيرا بدرس يعقوب ولكنه بدأ قبل العم يعقوب. وكان جوار التعاون قد قام به العم ماهر عبدالسلام ثم خلفه يعقوب بلال تعاون الري المصري عبارة عن جمعية تعاونيهخاصة بالعاملين بالري المصري يبيع للجميع وكانت به أصناف غير موجودة في أسواق المدينه نسبة للعادات الغذائيه الخاصة بالمجتمع المصري الشيء الذيجعلهمنفذ بيع مميز به الجبنه المصغرة والتونه والزيتون والعسل بأنواعه وقد تعاقب على إدارته عوض سعد وأخيه محمد احمدسعد ثم منصور محمد منصور ثم الحاج احمد فرح واخير عبد القادر الحاج. كان الري المصري دورا مهما في التنوير ونشر المعرفه وذلك بإقامتة للندوات الثقافيه بالنادي العربي إضافة للدعاة الذين كانوا يتوافدون على المدينه في شهر رمضان وقد كان أشهرهم الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي كان ينزل في بيت جوار وابور النور وقدسمي بيت الشعراوي وهو موجود حتى الآن. شمل الري المصري المسجد الكبير برعايته بسبب أنه تم بناؤه في عهد الملك فاروق. ظهر اثر الثقافة المصريه في تسمية الأبناء خاصة لدى الأسر ذات الارتباط بالري المصري. محسن..ربيع..سهام..سامي..جمال.. كذلك الارتباط بالفن المصري وكانت الافلام العربية لها روادها في سينما ملكال خاصة افلام فريد شوقي ومحمود المليجي وإسماعيل يس وكذلك عشاق الاغاني المصريه حيث تكونت اخيرا رابط مستمعي ام كلثوم أو الست كما يحلو لعشاقها بتسميتها كان على رأسهم المرحوم عصام احمد عوض والاخ عبد الحكم حسن ابكر والمرحوم منزول محمدمنزول سبق هذه الرابطة رابطة تبادل الالغاز والتي كان على رأسها المرحوم سيف رمضان جبارة ومحمود يوسف ومحمود السنوسي وعبد الرحمن محمود. لابد من الإشارة هنا لدور مكتبة العم عبيد محمود شريف التي كانت ترفد المدينه بالجديد من الكتب والاصدارات بجانب الصحف اليوميه التي تصدر في القاهرة نأمل في شهادة العم عبيد اطال الله في عمره بخصوص التوزيع والذي أتوقع أن يكون أكبر بكثير من عدد المصريين بالمدينه مما يدل على ارتباط الكثيرين بالثقافة المصرية في ذلك الزمان . هذا من جانب مؤثر واحد فقط..........نأمل أن يمكننا الله لتناول بقيه المؤثرات مثل التجار والجيش والنقل النهري وغيرها...كل هذه المؤثرات والثقافات إذا استخلصنا منها الاقوى والافضل فلن نستغرب لتفردنا حسن قسم الله ابوجميل