الأربعاء، 11 يناير 2012

بين سندان الشمال .. ومطرقة الجنوب

تقرير: حالي يحي رابطة الصحوة الشبابية لأبناء الملكية بولاية الخرطوم، هي واحدة من الروابط الاجتماعية الثقافية لأبناء الجنوب بالشمال، أغلبهم ولدوا وترعروا في الخرطوم وغيرها من المدن، ظلت تجتمع منذ تأسيسها لتحقيق أهداف سامية رسمت باتقان قبل أن ينقسم السودان انقساماً في رأي الكثيرين وهمياً لا مكانة له في ظل التاريخ الواحد للسودان الكبير، على رأس أهداف الملكية ربط أحداث الماضي بالحاضر، والعمل على تعزيز روح الكيان الواحد في ظل التواصل والترابط بين أبناء الملكية، بمختلف مشاربهم العرقية والثقافية فهم يعرفون بملكية ملكال، والملكية في تعريفها هي مجموعة سودانية مكونة من مختلف الأعراق، عاشت في بوتقة واحدة، تصاهرت فيما بينها نابذة الجهوية والقبلية، وعملت بروح متوافقة على دفع التوافق الإنساني فيما بينها، وحافظت على موروثاتها المكونة من خليط ثقافي سوداني جنوبي شمالي غربي شرقي، بينما جاء اسم ملكية نسبة للمجموعات التي سرحت من قوات دفاع السودان أعقاب ثورة 24، ومنهم من عاد لمناطقهم وهم في مجملهم خليط وكيان اجتماعي عاش في مناطق عدة، لا يمكن فرزهم أصلاً، وأشهر سكانها هم الملكية بملكال أعالي النيل وارتبط منهاجها التعامل بالحسنى ونشر الخير والمعروف، كما عملوا في مجالات عدة خلال حياتهم ولأبناء وبنات الملكية ملكال اسهامات تاريخية واضحة سياسية، اجتماعية رياضية، كثيرون من اعتبر لأهل الملكية أيادي بيضاء في تاريخهم في ملكال وغيرها من مدن الشمال والجنوب السوداني، حيث ذاع صيتهم داخل وخارج السودان في مجالات التعليم والصحة والسياسة والرياضة والاقتصاد، ويظل أبناء الملكية خير شاهد لهذا العصر الماضي وهم في حالة ترقب لمستقبل مشرق، في ظل واقع سياسي جديد للجنوب، إلا أن الرابط العرقي الدموي الثقافي لا يمكن فصله باي حال من الأحوال مهما كانت أسباب الحمل الثقيل والمشترك بين أبناء الشمال والجنوب، والذي أفضى بمولود جديد اسمه «جمهورية جنوب السودان» البعض من المهمومين بقضايا الاستقرار من أبناء الجنوب والشمال يأمل ويعمل أن يكون لهذا المولود دور في نبذ العنف والجهوية والقبلية، كما سار على نهجها أبناء الملكية منذ تاريخ السودان القديم، وقبل أن نولد نحن حتى، بل أن أبناء الملكية ووفق متابعتنا لدورهم الريادي كانت لهم اسهامات كثيرة وواضحة في إطفاء الكثير من الحرائق في مختلف مناطق الجنوب على المستويين الشعبي والرسمي قبل وبعد الاستقلال. دوران عقارب الساعة وإعلانها لتاريخ الملكية لم يكن حديثاً بل قديماً قبل ظهور الساعة نفسها بهذه التقنية العالية، فتاريخهم بدأ في أمم خلت وحكوا عن كيفية حالهم وبأي أخلاق ومُثل عاشوا وتعايشوا، وبأي دين كانوا يدينون، ولآي أمال يتطلعون ..... حول هذه القضايا جاءت مفصلة ومعقودة خلال المهرجان الضخم الذي شهدته مدينة (أمبدة الحارة الواحد والعشرين شرق)، بعزيمة وإرادة صابرة متقنة لعملها، وبحضور مشرف لأعيان ورجالات ونساء الملكية ملكال وكل من ينتمي انتماء الروح لأبناء الملكية.. نظمت رابطة الصحوة الشبابية لأبناء الملكية بولاية الخرطوم مهرجاناً ضخماً في رابع أيام العيد، أحياه الفنانون محمد جمعة أمان، عمر إحساس، ومحمود تاور، وسليمان رمضان، وفرقة العزم الصادق الغنائية... هدف شباب الملكية الراشد من خلال شعار المهرجان (ماضٍ عريق- حاضر أكيد-غد مشرق) على التذكير والتأكيد على جهود الملكية ستتواصل من أجل تعزيز الروابط الاجتماعية والترابط بين كيان الملكية الواحد سواء كان في الشمال أو الجنوب فالملكية هم ملكية أسرة واحدة لا فكاك بينهما مهما تغير الحال والواقع السياسي الذي هو برأيهم واقع يستدعي التعامل معه بعقل وقلب مفتوح، لتحقيق السلام والعدالة، وهما شرطان مهمان لاستمرارية استقرار حياة الإنسان والأرض. للكثير من أبناء الملكية أدوار معالمها بارزة في مختلف ضروب الحياة العامة، على رأسهم مثلاً لا الحصر طه وعوض بلال، عمداء الملكية، والفنان رمضان زايد، والسياسي المخضرم الشهيد أحمد الرضي جابر، وبطل إفريقيا للملاكمة في ذاك الوقت سعيد عبد القادر، ورائدة العمل النسوي الوزيرة علوية محمد عبد الفراج قدروة، والفنان المعروف محمد جمعة أمان، وغيرهم كُثر من أصحاب الأيادي البيضاء في تاريخ الملكية ملكال. ماذا يريد الآن أبناء الملكية من قادة حكومتي الشمال والجنوب بعد الانفصال وما هي الرسالة التي وجهت من خلال الاجتماعات المتتالية لهم بالخرطوم للتدارس حول أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية الجديدة الأليمة والمحتومة معاً.. إلى جانب المهرجان الضخم السالف ذكره، خلال متابعاتنا الرسالة تحمل الكثير من المضامين الجوهرية الإيجابية يمكن صياغتها على النحو التالي: حارب الجنوبيون أكثر من عشرين عاماً ووقعت اتفاقية السلام.. أقرت بدورها مبدأ الاستفتاء لأبناء الجنوب على وحدة أم إنفصال... النتيجة كانت إنفصال.. ودون الخوض في حديث الإنفصال الذي هو لا إرادي في رأي كثيرين، الكل سلم به كواقع جديد شهد عليه المجتمع الدولي وتم الاعتراف به... على ضوء هذه المعطيات الخطيرة ... وكوضع جديد يتغير فيه التعاطي السياسي... تم تسريح وفصل كل من ينتمي للجنوب في مؤسسات الدولة المختلفة في الشمال.. بالرغم من أن الأمر واقع لا محالة فقط أما كان مراعاة الأوضاع السلبية التي حلت بالأسر والأبناء والبنات وهم لا ذنب لهم فيما حل بهم جراء ذلك.. أليس أبناء الملكية هم من عملوا ضمن آخرين على تعزيز الأسرة السودانية شمالها وجنوبها وشرقها وغربها في كيان واحد اسمه الملكية السودانية.... أما واقعهم في الجنوب دون الاستباق أو التنبوء به فبأي حال من الأحوال لن يكون أفضل من حالهم شمالاً، على الأقل أن جلهم خبروا الشمال وخبرهم كما خبروا الجنوب سلفاً، لكن لا بد لهم من التفاكر والتشاور والتناصح فيما بينهم لما سيتوافقون عليه على الأقل حفاظاً على أجيالهم التي رضعت لبن السلام والوحدة والوئام، والعيش الكريم والتكافل والتعاون، أليس وحدة الإنسان أمر بالغ الأهمية من وحدة الأرض التي تتعطش هي بدروها لساكنيها، أن يسلموا الناس قولاً وفعلاً، ويعملوا على نشر العدالة بين مختلف البشر ويدفعوا الباطل بالحق ...الملكية وغيرهم ممن عانوا آثار الانفصال كلمات يرددونها في ختام يومهم وعند منامهم ...«حسبنا الله ونعم الوكيل» اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه..... وحقاً حينما قالوا عن تاريخ الملكية في السودان هذا البيت الشعري القيم إذا ما وافى حقهم الأدبي والأخلاقي « قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم» . وفي نهاية المطاف لا يمكن إلا التأكيد على أبناء الملكية باتوا كغيرهم ربما بين سندان مستجدات أوضاعهم في الشمال ومطرقة المستقبل في الجنوب، أليس الأجدر الاستفادة من مكوناتهم الاجتماعية لتعزيز أواصر القربي بين طرفي السودان، ولا بد من التأكيد على أن «الملكية»هم مزيج لأعراق إفريقية وعربية من مختلف مناطق السودان، توحدت ثقافاتها وفكرها ومزاجها، ولا يمكن فصلها بحكم انفصال الجنوب السياسي، وختاماً يمكن القول بإن «الملكية » عنوان كبير لتاريخ السلام بين الشمال والجنوب ومثقفوها برأي كثيرين هم من أكبر المتضررين من الانفصال. إذا ما هي الحلول الممكنة لترتيب وإصلاح ما يمكن إصلاحه لأوضاعهم، وما الذي يمكن عمله في ظل استصحاب الواقع الجديد سؤال ... ينتظر أن يجاب عليه من قبـل الملكية أنفسـهم . نشر هذا المقال بصحيفة اخر لحظة بتاريخ 14 سبتمبر 2011 http://www.akhirlahza.sd/akhir/index.php?option=com_content&view=article&id=5421%3A2011-09-14-08-51-40&catid=37&Itemid=115

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملكال… المدينة التي حملتني وحطمتني

ملكال… المدينة التي حملتني وحطمتني بقلم / بول فيتر قونج حين أغمض عيني، أرى ملكال. أراها كما كانت، لا كما صارت. مدينة صغيرة لكنها كانت بحجم...